من المشاهد العظيمة التي تتجلى في صلاة الجماعة، الانتظام في الصفوف، والتراص بين المُصلين أثناء الصلاة، مشهد يظهر التلاحم والاجتماع، ويزيل الفوارق والحواجز بين المصلين، ولأهميته كان النبي ﷺ يؤكد عليه "سَوُّوا صُفُوفَكُمْ، فإنَّ تَسْوِيَةَ الصُّفُوفِ مِن إقَامَةِ الصَّلَاةِ" وفي لفظ"من حسن الصلاة"، وكان يحذر من التهاون في تسوية الصفوف "لَتُسَوُّنَّ صُفُوفَكُمْ، أَوْ لَيُخَالِفَنَّ اللَّهُ بيْنَ وُجُوهِكُمْ"،وقد تنوعت أحكام تسوية الصف في السنة النبوية لتدل على أهميته وتأكيد الشارع على الحفاظ على صورة الاجتماع في هذه العبادة العظيمة، ومن هذه الأحكام:
-الحث على التبكير للصف الأول،فقد رغّب فيه النبيﷺ: " لوْ يَعْلَمُ النَّاسُ ما في النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الأوَّلِ، ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلَّا أَنْ يَسْتَهِمُوا عليه لَاسْتَهَمُوا" أي لو يعلم الناس ما في الصف الأول من الأجر العظيم والفضيلة لتدافعوا وتنافسوا من أجل ذلك، بل أكد عليه ﷺ بقوله:" خَيْرُ صُفُوفِ الرِّجالِ أوَّلُها، وشَرُّها آخِرُها"، وحذر من التأخر عنها: "لا يَزالُ قَوْمٌ يَتَأَخَّرُونَ حتَّى يُؤَخِّرَهُمُ اللَّهُ".
-الحرص على إتمام الصفوف الأول فالأول، فالبعض يأتي ويجد الفرجة في الصف، فيقف في الصف الذي يليه، بل قد يأتي المسجد مبكراً فيجلس في مؤخرة المسجد، فيحرم نفسه من الأجر ويخالف السنة، ففي الحديث"ألَا تَصُفُّونَ كما تَصُفُّ المَلَائِكَةُ عِنْدَ رَبِّهَا؟ فَقُلْنَا يا رَسولَ اللهِ، وكيفَ تَصُفُّ المَلَائِكَةُ عِنْدَ رَبِّهَا؟ قالَ: يُتِمُّونَ الصُّفُوفَ الأُوَلَ ويَتَرَاصُّونَ في الصَّفِّ".