ولمَّا كان الأذان بهذه المكانة، رفع الله من شأن المؤذنين وأعلى من درجاتهم، فقد جاء عن عدد من الصحابة في أنَّ قوله تعالى: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾[فصلت:33] أنَّها نزلت في المؤذنين، وقد تكاثرت النصوص النبوية في بيان مكانة المؤذن، وعظيم أجره عند الله. ومن هذه الفضائل حديث معاوية t قال: قال رسول الله ﷺ: ( المؤذنون أطول الناس أعناقاً يوم القيامة)، قال أهل العلم: ومعنى ذلك أنَّهم أكثرُ الناس تشوفاً إلى رحمة الله تعالى لما يرونه من الثواب، وقيل:معناه أنهم سادة ورؤساء، والعرب تصف السادة بطول العنق . ومنها: شهادة الكائنات له يوم القيامة، فعن أبي سعيد الخدري t، عن رسول الله ﷺ قال: (إنه لا يسمع مدى صوت المؤذن جن ولا إنس ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة). ومنها حديث أبي هريرة t قال: قال رسول الله ﷺ: (لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا)، أيّ: أن الناس لو يعلمون ما فيهما من الثواب العظيم والأجر الجزيل ثم لم يجدوا طريقاً للقيام بهما إلا القرعة لفعلوها واقترعوا من أجل تحصيل فضلهما. ومنها: مغفرة الله له، وله أجر من يصلي خلفه، فعن البراء بن عازبt، أن نبي الله ﷺ قال: ( إن الله وملائكته يصلون على الصف المقدم، والمؤذنُ يغفر له بمد صوته، ويصدقه من سمعه من رطب ويابس، وله مثل أجر من صلى معه ) رواه النسائي. وقد نص جماعة من أهل العلم أنَّ الأذان أفضل من الإمامة لهذه النصوص المتكاثرة في فضل الأذان والمؤذن. لذا تمنى الفاروق عمر t القيام بهذه الشعيرة، لعظيم أجرها لولا انشغاله بأمور الخلافة، فقال : "لو كنت أطيق الأذان مع الخلافة لأذَّنْت". وذلك لما في القيام بشعيرة الأذان من الارتباط والدقة في تحري أوقات الصلاة في اليوم والليلة، ما يجعل المؤذن يتخلى عن كثير من اهتمامات غيره من الناس. وهذه الفضائل والأجور العظيمة للمؤذن، فيها حافز لمن كان أهلاً لهذه الولاية، لكي يكون له نصيب منها، وفيه إشارة وتوجيه إلى تقدير هذه الصفوة الكبيرة واحترامهم، فهذا من إجلال الله سبحانه وتعالى، فمن رفع الله قدره وشرفه، فحريٌّ بأهل الإيمان تقديره واحترامه. إدارة الأوقاف السنية قسم البحوث وشئون المساجد |
الفعاليات و الأنشطة >