أهمية المشاركة في الانتخابات

تم الإرسال في 14‏/11‏/2022، 8:52 م بواسطة إدارة الأوقاف السنية - مملكة البحرين

ساعاتٌ قليلةٌ تفْصِلُنا عن البدءِ بِالتصويتِ في الانتخَاباتِ النيابيةِ والبلديةِ، التي انشغلَ الناسُ بها في الفترةِ السابقةِ بينَ مُقلٍّ ومُستكثِرٍ، والعاقلُ من انشغلَ بما ينفعُهُ، وكانَ له يدٌ في الخيرِ لوطنهِ ومُجتمعه، وكانَ قائدُهُ ومُرْشِدُهُ في ذلكَ كتابَ اللهِ وسُنَّةَ نبيهِ ﷺ، وفي هذا المقامِ نُذكِّرُ بِبعضِ الوقفاتِ في طريقِ الإْصلاحِ.
الوقْفَةُ الأُولى: مِنْ أَهمِّ حُقوقِ وَطَنِنا عَليْنَا حَقُّ السَمْعِ وَالطَّاعةِ لِوُلاةِ أُمُورِنا، الَّذِينَ يُحرس بِهمُ الدِّينُ، وتَتَّحِدُ تحتَ رايتِهِمُ الصُّفوفُ، ويدومُ بهمُ الاستقرارُ، ويترسَّخُ بهمُ العدلُ، فطاعتُهم واجبةٌ، قَرنَها اللهُ بطاعَتِهِ، وطَاعَةِ نبيهِ الكَريمِ ﷺ قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ﴾ [النساء:59]، وَمِن حُقُوقِ الوُلاةِ على الرَّعيةِ: مُساعدةُ الرعيةِ لِوُلاتِهم في مُهِماتِهم، بِحيثُ يَكونونَ عَوناً لَهم على تَنْفِيذِ الأمْر ِالـمُوكَلِ إِليْهم، وَأنْ يَعْرِفَ كُلُّ وَاحدِ دَوْرَهُ وَمَسْئُولِيَّتَهُ في الـمُجتمعِ؛ حتى تَسيرَ الأُمورُ على الوَجهِ الـمَطْلُوبِ، فَإنَّ الوُلاةَ إِذَا لم تُساعِدْهُمُ الرَّعِيَّةُ على مَسْئُولِياتِهم لمْ تَأْتِ عَلى الوجهِ الـمَطْلُوبِ.
وَمِن حُقُوقِ وليِّ الأمْرِ عَلى الرَّعِيَّةِ التَعاونُ مَعَهُ في كُلِّ مَا يَكونُ سَبباً في استِقرارِ البلادِ والعِبادِ، وَبذْلُ الـمُسْتَطَاعِ مِن أَجْلِ الحِفَاظِ على أمْنِ الوَطنِ وَتَمَاسُكِهِ، وإِننا وَإِذْ نشْهدُ غداً الاِنتِخَاباتِ النِّـيَابِيَّةَ والبَلَدِيَّةَ فعَلينَا أَنْ نَحِرصَ على الـمُشَاركةِ الفَعَّالةِ فِيهِ مِنْ أَجْلِ أنْ نَسْتَكْمِلَ الـمَسيرةَ في بِنَاءِ الوَطنِ وازدِهَارهِ وَنُسَاهِمَ في تَحْقِيقِ الـمَصْلَحَةِ العَامَّةِ واستقرارِ البِلَادِ، وَليَحْتَسِبِ الـمُسْلِمُ سَعْيَهُ في هَذَا الأمْرِ وَلَا يَسْتَثْقِلُ ذَلِكَ، فَإنَّ لِذلِكَ آثارَهُ الحَسَنةَ وَالتي مِن أَهَـمِّهَا حِفظُ الأَمنِ والأَمانِ وإِفشالُ سَعي مَن يُرِيدُ بِالبلادِ شراً، وَهَذا مِن أَعْظمِ مَا يَحْرِصُ عليه الجميعُ في هذهِ الأَيَّامِ.

الوَقْفَةُ الثانيةُ: أَنْ يُحْسِنَ الناخبُ الِاخْتِيَارَ مِمَّنْ يَعْرِفُ عَنْهُمُ القُوَّةَ والأَمَانَةَ؛ فَإِنَّ التَّصْوِيتَ لِلأَكْفَأِ والأَصْلَحِ هو مِنْ أَداءِ الأَمَانَةِ الَّتِي كَلَّفَ اللهُ العِبَادَ حَمْلَها ،وقد ذَكَرَ النَّبِيُّ ﷺ أَنَّ مِنْ عَلَامَاتِ السَّاعَةِ إِسْنَادَ الأَمْرِ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ، فقالَ: «فَإِذَا ضُيِّعَتِ الْأَمَانَةُ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ» قَالَ: كَيْفَ إِضَاعَتُهَا؟! قالَ: «إِذَا وُسِّدَ الْأَمْرُ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ» [رواهُ البُخارِيُّ]، ولَا يَخْفَى علَى أَحَدٍ أَنَّ وُصُولَ الأَكْفَاءِ الصَّالِحِينَ والأَقْوِيَاءِ الأَمِينِينَ فِيهِ مَصَالِحُ عَظِيمَةٌ لِلْأُمَّةِ، مِنْهَا: القِيَامُ بِوَاجِبِ الأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ والنَّهْيِ عَنِ الـمُنْكَرِ، ومِنَ الـمَصَالِحِ العَظِيمَةِ في اخْتِيَارِ الأَكْفَاءِ والأُمَنَاءِ: تَهْيِئَةُ البِطَانَةِ الصَّالِحَةِ والخَيِّرَةِ لِوَلِيِّ الأَمْرِ، مِمَّنْ يَكُونُونَ عَوْناً لَهُ علَى الحَقِّ وسَنَداً لَهُ فِي الخَيْرِ.
الوَقْفَةُ الثالثةُ: عَدَمُ الِانْجِرَارِ ورَاءَ الشَّائِعَاتِ، ومَا تَتَنَاقَلُهُ مَوَاقِعُ التَّوَاصُلِ والشَّبَكَاتُ مِنْ أَكَاذِيبَ وأَقَاوِيلَ لَيْسَ لَهَا خِطَامٌ ولَا زِمَامٌ، وَرَاءَها حِسَابَاتٌ مَجْهُولَةٌ، ومُعَرِّفَاتٌ مَشْبُوهَةٌ، يُضَخِّمُونَ الأَمْرَ الصَّغِيرَ، ويُكَبِّرُونَ الخَبَرَ الحَقِيرَ، فَإِيَّاكُمْ أَنْ تَكُونُوا عَوْناً لَهُمْ مِنْ خِلَالِ تَنَاقُلِ الرَّسَائِلِ الـمَشْبُوهَةِ، والتَّعْلِيقِ علَى أَخْبَارِهِمُ الـمُرْسَلَةِ.
ومِنَ الأمورِ التي يَجِبُ الحَذَرُ مِنْهَا: التَّعَصُّبُ الَّذِي يَدْفَعُ الإِنْسَانَ إِلَى اخْتِيَارِ السَّيِّئِ بَلْ والأَسْوَأِ، بسبب عصبيةٍ قبليةٍ أو فئويةٍ طائفيةٍ، وكذلِكَ الطَّعْنُ في الأَنْسَابِ، والفَخْرُ بالأَحْسَابِ، وذِكْرُ مَثَالِبِ الآخَرِينَ، إلى غير ذلك من الأخلاقِ السيئةِ التي تصدر من بعضِ ضِعافِ النفوسِ والأخلاقِ.
إنَّنا جميعاً مُؤْتَمَنُونَ علَى أمْنِ هَذا الوَطَنِ، فَلنحرص عَلَى الـمُشَاركةِ البَنَّاءةِ في هَذهِ الانتخاباتِ حِمَايةً لِلدِّينِ وأمنِ الْوَطنِ، ورعايةً لِمَصالحِ أبنَائِه الـمُخلِصين، ولنعلم أننا مسئولونَ أمامَ اللهِ عزَّ وجلَّ عَنْ هذِه الأمانَةِ، وأننا سنقف بَيْنَ يَدَيِ اللهِ عزَّ وجلَّ ويَسْأَلُنا عَنْ هذهِ الشهادَةِ، قالَ سبحانه: (سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ) [الزخرف:19].
Comments